علاقة مصلحة مع العراق
مرت العلاقات السعودية العراقية خلال نصف قرن بتقلبات دراماتيكية عجيبة، حيث تنقلت بين حالة التحالف الوثيق وحالة العداء المباشر.. هكذا غالبا تطرف في الحب ثم تطرف في العداء ولم تتوفر الحالة (العادية) التي يمكن أن تجمع بين شعبين شقيقين متجاورين إلا في حالات محدودة وعلى فترات متباعدة.
واليوم وبعد سلسلة متناقضة من التجارب بين البلدين، يتضح أن ثمة مساحة أبدية مشتركة بيننا وبين العراقيين يمكن أن تمتلئ بالإرهابيين والطائفيين والجواسيس وبائعي الكلام، ويمكن أيضا أن تمتلئ برجال الأعمال والخبراء والمسافرين في الاتجاهين.
قبل أشهر قليلة كان مثل هذا الطرح البراغماتي غير قابل للتطبيق، وكان صوت الخلافات أقوى من كل صوت، ولكن اليوم تبدو الأمور مختلفة جدا، حيث ظهرت أولى الإشارات على صدق مشاعر الأخوة بين الشعبين الشقيقين خلال الترحيب بالمنتخب العراقي خلال مباراته مع منتخبنا في جدة ضمن تصفيات كأس العالم، قبل أن تتبادل وسائل الإعلام صور الإشارة الأخيرة التي تمثلت في الاستقبال العراقي الحميم والملفت لأول طائرة سعودية تحط في بغداد منذ عام 1990.
بالأمس افتتح خادم الحرمين الشريفين أعمال المجلس التنسيقي بين البلدين بحضور رئيس الوزراء العراقي، واليوم نملك فرصة جيدة لحلحلة كل العقد المزعجة التي نشأت خلال أكثر من ربع قرن بالاعتماد على الدواء السحري الذي يسمى (المصلحة المشتركة).. وفي الغد سوف يشكرنا أولادنا أو يشتمون جهلنا لأننا أضعنا هذه الفرصة لبناء شراكة من شأنها أن تنتج مصالح لا حصر لها هنا وهناك.
نقلا عن "عكاظ"